د.إبراهيم محمد فتحي : المرأة فى خطبة الوداع
فى العام العاشر من الهجرة المباركة حج النبى صلى الله عليه وسلم حجته الأخيرة قبل لقاء الله عز وجل، وأطلق عليها العلماء حجة الوداع وحجة البلاغ.
فى هذا اللقاء الإيمانى العظيم وقف على صعيد عرفات الطاهر أكثر من 114000 (مائة وأربعة عشر ألفا) من المسلمين والمسلمات الذين استجابوا لأمر الله عزوجل بالحج إلى بيته الحرام.
فى هذا اللقاء الإيمانى الكبير لخّص النبى عليه الصلاة والسلام مسيرته الدعوية التى بلغت ثلاثة وعشرين عاما أغلبها في مكة المكرمة، بدأ النبى عليه الصلاة والسلام حديثه بقوله: أيها الناس ولم يستخدم أداة النداء الياء للدلالة على مدى حبه الشديد لهم وقربه منهم عليه الصلاة والسلام، وكيف أن قلبه الشريف قد امتلأ صفاءًا ونقاءًا تجاههم، وليس هذا فحسب بل أعلن نفس الشعور تجاه أناس ارتكبوا جريمةً فى حق قريب له عليه الصلاة والسلام، جريمةً تعاقب عليها كل الشرائع السماوية.
وأعنى بذلك قيام قبيلة هُذيل العربية بقتل ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم سيدنا رسول الله صلى عليه وسلم، والذي كان عندهم مسترضعاً، فوقف النبى عليه الصلاة والسلام ليعلن تسامحه وعفوه عنهم، فقالها مدويةً: ألا إن كل دمٍ فى الجاهلية موضوع تحت قدمى هذا وأول دم أضعه دم ربيعة بن الحارث.
ثم يُركّز النبى عليه الصلاة والسلام حديثه عن أعظم مخلوقات الله تعالى ألا وهي: المرأة …. فالمرأة هي الأم والزوجة والأخت والبنت ..هي نصف المجتمع والتي بدونها لا تسير الحياة مسرتها الطبيعية ،فيقول النبى عليه الصلاة والسلام :استوصوا بالنساء خيراً فإنكم أخذتموهن بكلمة الله واستحللتم فروجهن بأمانة الله تعالى .
فكلمة الله تعالى وأمانته تقتضيان أن يتقى الزوج ربه جل وعلا فى زوجته وأن يعلم علم اليقين أن لها من الحقوق مثل ما عليها من الواجبات حيث قال تعالى: ولهُن مثل الذي عليهن بالمعروف.
وهنا تُثار رغماً عنا مسألة ضرب الزوجات والتى أُسىء استخدامها فأصبحت البيوت ساحة للشجار وإسالة الدماء، وأهينت المرأة بشكل سافر بعدما كرمها الإسلام ورسول الإسلام صلى الله وسلم، نعم أباح الإسلام الضرب لكن بشكل مقيد أشد التقييد.
فمما أجمع عليه العلماء أن النبى عليه الصلاة والسلام ما ضرب زوجة له قط وحينما تحدث الصحابة عن رجال يضربون زوجاتهم قال عليه الصلاة والسلام: ليسوا بخياركم، لكن إذا كان الضرب مباحا فى الإسلام فكيف يطبق؟
الحق الذى لا شك فيه أن الزوج فى بداية الأمر لابد أن يضع نصب عينيه أمراً غاية فى الأهمية ألا وهو أن الزوجة إذا ضُربت ضرباً غير مبرح سيأتى معها بنتيجةٍ فإنه جائز وإلا فلا يجوز، هذا أمر، أما الأمر الآخر الأشد أهمية هو أن الزوج إذا أقدم على الضرب فيجب عليه أن يجتنب الوجه كما قال النبى عليه الصلاة والسلام، كذلك يجب عليه أن يجتنب المواضع القاتلة فى جسد الزوجة كمنطقة خلف الأذن والكبد والكليتين والفرج، بالإضافة إلى اجتناب تكسير العظام ..
وبالتالى فإن الضرب لا يكون إلا فى أضيق الحدود وبالضوابط التى بينها العلماء سابقاً…ولنختم بما وصف به النبى عليه الصلاة والسلام بعضاً من الأزواج الذين يضربون زوجاتهن فقال: ليسوا بخياركم …فصلاة وسلاماً على من وُصف بأنه كان فى خدمة أهله ..صلى عليه وسلم .
د/إبراهيم محمد فتحي
عضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية