دابراهيم محمد فتحى : الحج ……..والسلام المفقود
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وبعد
فما أصعب هذه الحياة على الإنسان وما أقساها ، حيث يعانى الإنسان منها وفيها الجانب الكبير من حياته ، وكثيرا ما نجد مر الشكوى من عدم الراحة والإضطراب والقلق وعدم شعور الإنسان بالراحة رغم كل هذه الوسائل التى من المفترض أن تكون من عوامل استقراره وثباته ، وكثيرا ما يتساءل هذا الشاكى كيف عاش من كان قبلنا هادئا قرير العين لا يشعر بما نشعر به بالرغم من هذا الفارق الكبير فى الإمكانيات والوسائل .
الإجابة سيجدها حينما يعلم كيف فهم هؤلاء المسلمين دينهم على الوجه الصحيح من حيث كونه سلما وسلاما للمسلم ومن المسلم تجاه الكون وما فيه، لانه علم جيدا معنى قوله عليه الصلاة والسلام المسلم من سلم الناس من لسانه ويده .
ومن الوسائل المعلمة لهذا الخلق العظيم عبادة الحج وإليك أيها القارىء الكريم التفصيل ……
فالحج من الشعائر الإسلامية العظيمة التى يجب على كل مسلم مستطيع القيام بها نظرا لما تعود به من فوائد ومنافع سواءا للفرد أو المجتمع .
حيث أن السلام أو السلم المجتمعى من أهم المقاصد الدعوية والأخلاقية والحضارية _كذلك _للحج وهو فى ذات الوقت تدريب عملى على تحقيقه .
فرحلة الحج المقدسة تغرس فى نفس المسلم معانى السلام بكل ما تحمله هذه الكلمة من سمو ورحمة وإنسانية ، وهذا السلام ليس مقصورا عليه وحده بل يشمل كل من يحيط به ويتعامل معه ،بداية من رحلة الحج إلى نهايتها .
فشهور أداء الحج هى شهور الأمن والسلام والتى منها شهرى ذو القعدة وذو الحجة والتى يحرم فيها القتال والحرب والعدوان .
فالمسلم حينما يحرم بالحج يكون فى حالة سلام مع كل العوالم من أنس وحيوان وطير ونبات عملا بقول الله تعالى :وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما .سورة المائدة اية (97).
والبيت الحرام الذى هو مقصد الحجاج من جميع بقاع الأرض هو أرض السلام والأمن عملا بقول الله سبحانه :ومن دخله كان امنا .سورة ال عمران اية (97).
أما عن سلام الإنسان مع نفسه فهو محرم عليه أمور معينة من أمور الدنيا التى هى فى أغلبها من مسببات القلق والإضطراب فى هذه الدنيا المتعبة ، فهو ممنوع مؤقتا من بعض زينة الحياة الدنيا من لبس المخيط والعطر والعلاقة الزوجية ، بل وأخذ شىء من شعره وأظفاره حتى يتحلل من إحرامه .
وعن علاقة هذه الأمور بإحداث حالة من تعب الإنسان ما يفعله البعض من سعى ومجهود للحصول مما يضطر البعض للوقوع فى المحذور شرعا .
وأما عن سلام الانسان مع غيره من البشر فقد حذره الشرع وهو محرم من أهم أسباب التقاطع والتناحر ةالقطيعة والخصام بين الناس ألا وهو الجدال والنقاش فيما لا يفيد بل والذى يتحول فى أغلب الأحيان الى شجار وعراك بل وإلى إسالة دماء الأخرين .
فالرفث والفسوق والجدال ممنوع منعا باتا فى موسم الحج مما يجعل المسلم حريصا على عدم الوقوع فيه خشية فساد وبطلان حجه ، وبالتالى يجعله حريصا على عدم الوقوع فيه بعد عودته من حجه .
وختاما سلام الانسان مع غيره من المخلوقات من حيوان وطير بعد أن عطل كثير من البشر هذه العاطفة _عاطفة الرحمة والشفقة والشعور بالغير حتى ولو كان حيوانا أو نباتا أو حتى جمادا _مما نتج عنه هذه الحالة من الفوضى والتخريب الذى ننام ونصحو عليه يوميا .
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى .
د.ابراهيم فتحي امام وخطيب بوزارة الاوقاف