الشيخ محمد شعبان : زكاة الفطر
زكاة الفطر هي أول زكاة فُرضت على هذه الأمة وهي أخف الزكوات وأيسرها؛ لأنها عبارة عن قيام كل واجد زيادة عما يكفيه في يوم عيد الفطر بكفاية واحد من المسلمين عادم ما يكفيه في ذلك اليوم.
وهي منسوبة إلى الفطر؛ لأنها تجب به؛ أي: بالفطر من رمضان كله وذلك بالدخول في ليلة العيد وقيل: بطلوع فجره , وقال بعض العلماء: إن المراد بالفطر الفطرة والخلقة , والحكمة في وجوبها على مَن ذكر ظاهرة؛ فإنها شرعت لكفاية جميع الفقراء وإغنائهم عن ذل السؤال في يوم العيد الذي هو يوم ضيافة الله تعالى للمؤمنين فلما دخل في الفقراء أطفالهم وجب على الأغنياء أن يزكوا عن أطفالهم أيضًا، وكذلك السيد يُخرج زكاة الفطر عن عبده وقالوا: إن الصغير إذا كان ذا مال فإنها تجب فى ماله ويخرجها الولي وإن كان أبًا وإلا أخرج عنه من مال نفسه, وقد ورد أنها كفارة
للصائم تكفرعنه ما عساه يقع منه مما ينافي حكمة الصيام فهي كالرواتب للصلاة تجبر ما يقع من النقص فيها, ولنذكر ما ورد في مشروعيتها وأحكامها من الأحاديث الشريفة:
(1) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين) رواه أحمد والشيخان وأصحاب السنن الأربعة وغيرهم.
(2) وعن أبي سعيد أنه قال: (ما أخرجنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا صاعًا من دقيق أو صاعًا من تمر أو صاعًا من سلت أو صاعًا من زبيب أو صاعًا من شعير أو صاعًا من أقط) رواه الدارَقُطني.
وقت أداء الفطرة
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر بزكاة الفطرأن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة. رواه أحمد والشيخان وأصحاب السنن إلا ابن ماجه والمراد بالصلاة هنا صلاة العيد وذلك أن الغرض منها كفاية الفقراء في ذلك اليوم وروى ابن خزيمة أن قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} (الأعلى: 14-15) ، نزل في زكاة الفطر وصلاة العيد ورفع ذلك إلى النبي عليه الصلاة والسلام وهو لا ينافي عموم الآية وأن تزكية النفس وتطهيرها يكون بغير زكاة الفطر من الفضائل والأعمال النافعة كما يكون بها , وعن ابن عباس قال: ((فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطرة طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات)). رواه أبو داود وابن ماجه والدارقطني والحاكم وصححه, وهو يدل على عدم جواز تأخير أداء الفطرة عن صلاة العيد ولكن الجمهور على أن أداءها قبل صلاة العيد هو الأفضل ولايجوز تأخيرها عنه إلى آخر النهار، واتفقوا على أنه لا يجوز تأخيرها عن يوم العيد والحديث حجة قائمة لا ينبغي أن يتهاون به لقول أحد, وقد جوز بعض العلماء تقديمها على يوم العيد وقال بعضهم: إنها كالصلاة لا تقدم على وقتها كما أنها لا تؤخر عنه , والمروي في البخاري أنهم كانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين, وبه قال أحمد وعده تعجيلاً وروي أيضًا عن مالك وذهب الشافعية إلى جواز إخراجها من أول رمضان. وتوسع آخرون فقالوا بجواز إخراجها
قبل دخول رمضان , فمن وفقه الله لاتباع السنة يتحرى إخراجها بعد صلاة الفجر وقبل صلاة العيد فإن رأى في ذلك مشقة أو في التعجيل مصلحة فليخرجها قبل العيد بيوم أو يومين اتباعًا.