د. ابراهيم فتحى : عاشوراء……. بين الفرح والحزن
نعيش هذه الأيام في رحاب شهر الله المحرم والذي قال عنه النبى عليه الصلاة والسلام أفضل صوم بعد رمضان شهر الله المحرم أو كما قال عليه الصلاة والسلام لكن لهذا الشهر الكريم خصوصية تتمثل في يوم العاشر منه أو ما نسميه عاشوراء والذي استن فيه النبي صلى الله عليه وسلم صيامه والذي جاء بعد سؤاله الشهير عن سبب صومهم هذا فقالوا بأنه يوم نجاة سيدنا موسى عليه السلام ورد النبي عليه
الصلاة والسلام بأننا كمسلمين أحق وأولى بسيدنا موسى منهم. وهنا قد سؤال غاية في الأهمية ألا وهو هل كان النبي عليه الصلاة والسلام لا يعلم هذه المعلومة الخطيرة ما يقبل ويليق بسيدنا رسول الله صلى عليه وسلم أنه كان يعلم لأنه لا يليق برسول من رسل الله تعالى أن يجهل أحوال إخوانه من الأنبياء والرسل خصوصا إذا كان نبى بحجم سيدنا موسى عليه السلام كليم الله عز وجل وما أراه مقبولا في مثل هذه الأمور هو أن النبى عليه الصلاة والسلام استخدم طريقة السؤال ليمهد المسلمين لحكم فقهى جديد
يتعلق بهذا اليوم العظيم، وهذه الطريقة لها سابقاتها كما حدث عند سؤاله عن المفلس وإجابته عليه بأنه الرجل الذي لا يعف نفسه عن أموال وأعراض الناس بالرغم من صلاته وصيامه وغيرها من الأعمال الصالحة.
ومن هنا تأتى فرحتنا بهذا اليوم العظيم والذي بشرنا فيه الحبيب صلى الله عليه وسلم بأن صيامه يكفر ذنوب سنة ماضية كما في الحديث الصحيح.
وتكتمل فرحتنا بأننا نقلد ونتبع سيدنا رسول الله صلى عليه وسلم في عمله هذا، ومن الجدير بالذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بعام نوى أن يصوم التاسع والعاشر بقوله وكما في الحديث الصحيح لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر لكن الموت كان أسبق.
ومن جهة ثالثة نحن نفرح بهلاك أشهر ظالم في التاريخ والذي تجاوز كل ظلم وبلغ من فجوره أنه قال: أنا ربكم الأعلى فانتقم الله عز وجل منه شر انتقام، ونصر عبده الضعيف موسى عليه السلام بأبسط وأقل وسائل النصر وصاحب هذا النصر ميلاد الأمل والفرج لكل مظلوم.
ورسالة أقوى لكل ظالم ومتغطرس بأنك لا تغتر بإمهال الله لك فهو وإن كان سبحانه قد أمهلك فهو يمهلك لعلك تتوب وترجع عما اقترفته يداك، وإلا فالله عز وجل لن يهملك وسيري الناس فيك عجائب قدرته وها هو فرعون خير دليل.
وعجبا لهذا الدين العظيم الذي يتعهد فيه الله تعالى الملك العزيز الجبار للمظلوم المقهور بالنصر والتأييد بقسمه العظيم: وعزتى وجلالي لأنصرك ولو بعد حين.
هذا عن صور وأسباب فرحنا بعاشوراء أما عن حزننا فيتمثل في أنه في العاشر من المحرم سنة 61 هجرية لقى سيدنا الحسين بن علي بن أبى طالب رضى الله تعالى عنهما وجه ربه شهيدا في معركة غير متكافئة ومعه سبعة عشر من أهل بيته الطاهرين، ليس لهم ذنب سوى أنهم وثقوا في أناس لا يعرفون خلق الوفاء والإخلاص، فهو لا يعرفون سوى نقض العهود والخيانة بكل معانيها.
إن حادثة كربلاء فيها من الألم والحزن ما لا يمكن أن يوصف، لكننا في ذات الوقت يشتد حزننا حينما تستغل هذه الحادثة في سب ولعن بعض صحابة النبي عليه الصلاة والسلام ومنهم سيدنا معاوية وأبيه أبو سفيان رضى الله عنهما.
وقبل أن تغضب أخي القارئ الكريم أرجو منك الانتظار للمقال القادم إن شاء الله تعالى ففيه طرح لكثير من الأسئلة الهامة والخطيرة التي تتعلق بهذا الحادث الخطير والذي ما زلنا نجني …. وللحديث بقية آثاره حتى يومنا هذا….
د/إبراهيم محمد فتحي
عضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية.