د.حماده شعبان عبدالهادي : رمضان شهر الجود والإنفاق والكرم
إن شهر رمضان الكريم فرصة عظيمة للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى ، حيث جعله الله تعالى لمضاعفة الحسنات، ومغفرة الذنوب والذلات ، ولذا تكثر فيه الأعمال الصالحات من تلاوة القرآن ، وعبادة الله وقيام الليل ، والإحسان إلى الفقراء والمساكين .
وإن من الأعمال الفاضلة في هذا الشهر الإنفاق والجود والكرم ، بها نرعى الفقراء المحتاجين ، ونسعى في الإنفاق والبذل ولقد حث الإسلام الحنيف على الجود والإنفاق في سبيل الله وابتغاء مرضاته ، وتضافرت الآيات والأحاديث الحاثة على ذلك : قال الله تعالى: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عليم[آل عمران: ۹۲] )
وعن عقبة بن عامر (رضي الله عنه) قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: (كُلُّ امْرِيْ فِي ظلْ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ الناس أَوْ قَالَ حَتَّى يُحكم بين الناس) (مسند احمد)، ومعنى ذلك أن الصدقة تحمى صاحبها من حر الشمس في أرض المحشر حتى انقضاء الفصل بين الناس.
ولهذا فإن من أعظم الطاعات وأجل القربات في شهر رمضان الإنفاق وإطعام الجائعين، وتقديم الصدقات، وتفطير الصائمين، فما أعظم من أن يغتنم العبد هذه الفترة في فعل الخير وأعمال البر، يقول (عليه الصلاة والسلام) فيما صح عنه ، عن زيد بن خالد (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) قال: ( مَنْ فَطَرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرُهُ من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء ) ، أي: أنك إذا فطرت صائماً كتب الله لك أجراً كأجر الصائم دون أن ينقص من أجره شيء : فالحرص على إفطار الصائم الفقير، والمسكين والمحتاج ، مما تجود به النفس ، ولو بقليل من تمر ، أو مذقة لبن ، أو قطعة خبز، فهذا موسم الصدقات والأعطيات : إن الصدقة تقع في يد الرحمن قبل أن تقع في يد الفقير فيربيها الله تعالى لصاحبها، كما يربي أحدكم فلوه.
وروي أن ابن المبارك كان كثير الإطعام للناس لأنه أدرك ما أعده الله تعالى لعباده من وقاية وحماية من هول الموقف في عرصات القيامة ، بسبب إطعامهم الطعام، وجودهم على الأنام ، قال تعالى: ( ويطعمون الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً ويتيماً وأسيراً ” إِنَّمَا لطعمكم لوجه الله لا تريد منكم جزاءً ولا شكوراً * إِنَّا تَخَافُ مِن رَبَّنَا يَوْماً عَبُوساً قمطريرا * فَوقَاهُمْ الله شر ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً ) (الإنسان – ٨-١٠)
أما حين ننظر في جزاء الصدقات والإنفاق في سبيل الله . والجود والكرم على الفقراء والمساكين، نجد أن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، وهذا شطر من حديث معاذ قال: كنت مع النبي (صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) في سفر فأصبحت يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ إِلى أَن قَالَ: ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما تطفئ الماء النار ، وصلاة الرجل في جوف اللَّيْلِ ثمَّ قَرَأَ تَتَجَافَى جنوبهم عن المضاجع ) (رواه الترمذي). فالحرص كل الحرص على الصدقة ، ومراعاة الفقراء والمحتاجين، والاغتنام بالإنفاق في سبيل الله.
فما أعظم أن نسعى في هذا الشهر الكريم من إقبال على الخير وحرص على إفطار الصائمين وإكرام للأقارب والأرحام، فليكن رمضان بداية لنا لا نهاية الجود والكرم والبر وصلة الأرحام والإقبال على الخير.
مقدمه
د.حماده شعبان عبدالهادي
الواعظ بمنطقة وعظ الجيزة