اخر الاخبارمسؤولية مجتمعية

دكتور احمد جلال شقوير : رمضان شهر الدُّعاء

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله…
وبعد، فــ((لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللهِ مِنَ الدُّعَاءِ)).
وشهر رمضان من أكثر الأوقات التي ترتجى فيها إجابة الدعوات، فهو شهر النفحات والبركات…
يؤكد هذا مجيء آية الدعاء وسط آيات الصيام، فبين آيات الصيام يقول البيان القرآنيّ:﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾.(البقرة/186).
فمجيء هذه الآية في غُضُون آياتِ الصيام، إلماحة وتنبيه إلى أن الدعاء في هذا الشهر الكريم له مزيتُه وأن الصائم قريب من ربِّه؛ لذا فدعاؤه أرجى للإجابة، حتى سمَّى بعض العباد شهر الصيام شهرَ الاستجابة. ونلحظ أن الحق سبحانه لم يستثن دعوة ﻻ تستجاب، فإن كانت آمالك كبيرة فالله أكبر…
وفي البيان المحمدي، يؤكد الحبيب صلى الله عليه وسلم هذه المعاني بأقواله وأفعاله، فكان يقول: (ثلاثةٌ لا تُرَدُّ دعوتُهم: الصَّائمُ حتَّى يُفطِرَ، والإمامُ العَدلُ، ودعوةُ المظلومِ). ويقول:((إن للصائم عند فطره دعوة لَا تُرَدُّ)). وكان يستثمر هذا الشهر بالدعاء في مواطن عديدة:
فكان إِذا رَأَى الهِلالَ قَالَ:”اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ علَيْنَا بِالأَمْنِ والإِيمَانِ، وَالسَّلامَةِ والإِسْلامِ، رَبِّي ورَبُّكَ اللَّه، هِلالُ رُشْدٍ وخَيْرٍ”.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أفطرَ قال: “ذهبَ الظَّمأُ وابتلَت العروقُ و ثبُتَ الأجرُ إن شاءَ اللهُ”…
وكان إذا أفطر عند قوم دعا لهم فقال: “أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وتنزلت عليكم الملائكة”.
وكان صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ من الليل يتهجد، يقول:”اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ…”.
وعلمنا في شخص أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن نقول إن وافقنا ليلة القدر: (اللهم إنك عفو كريم تحب العفو، فاعفُ عني).
ومن هنا، فهذه دعوة لاستثمار لحظات هذا الزمان الشريف في الالتجاء إلى الله سبحانه، وإنزال حاجاتنا بربنا، وكم في النفوس من الرغبات الملحة من حاجات الدنيا والآخرة فهذه الأيام الشريفة محلٌّ لإجابة الدعوات، وربنا حييٌّ كريمٌ يستحيي من عبدِه أن يرفعَ إليه يدَيْه فيرُدَّهما صِفرًا خائبتَيْن…

دكتور احمد جلال شقوير
بديوان عام وزارة الاوقاف