محمود توفيق الزناتي : اهلا رمضان
نحتفل اليوم بقدوم شهر رمضان المبارك، هذا الضيف الذي نترقب انتظاره جميعا، صغيرنا وكبيرنا، صحيحنا ومريضا…
فأهلًا ومرحبًا بمن طال انتظاره، أهلًا ومرحبًا بمن اشتاقت له النفس بعد طول غياب، أهلًا ومرحبًا بمن يريح قلوبنا، أهلًا ومرحبًا بمن يقربنا إلى ربنا، أهلًا ومرحبًا بالضيف العزيز الغالي.
رمضان أقبل يا أولي الألباب ** فاستقبلوه بعد طول غياب
عامٌ مضى من عمرنا في غفلةٍ ** فتنبهوا فالعمر ظل سحاب
وتهيّؤوا لتصبرٍ ومشقةٍ ** فأجور من صبروا بغير حساب
لا يدخل الريان إلا صائمٌ ** أكرم بباب الصوم في الأبواب
شهر رمضان الذي طالما اشتاقت إليه نفوس المتقين، وحنت إليه قلوب المؤمنين فبعد مضي أحد عشر شهرًا من البعد عنا، ها هو يوشك أن يقبل بنفحاته وفضائله، والمؤمن التقي النقي سرعان ما يحسن الاستعداد والتهيء لاستقبال شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران.
والسؤال الذي يدور في ذهن كل مسلم الآن، كيف نحترم ونقدِّر شهر رمضان؟!!!
لا شك أن شهر رمضان يحتاج من كل مسلم إلى احترام وتقدير وتوقير، ويكون ذلك بحسن الاستعداد له، واغتنام أيامه ولياليه بالصلاة والقيام والذكر وفعل الخيرات وإطعام الطعام والتصدق على الفقراء والمحتاجين.
ولم لا ؟!! وشهر رمضان هو شهر تحقيق تقوى الله عز وجل ، حيث يقول تعالى في افتتاح آيات الصيام ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ البقرة (183).
فمن امتثل أمر الله عز وجل بصيام نهاره والإمساك عما يغضب الله عز وجل ، وقيام ليله والتقرب منه سبحانه وتعالى حقق تقوى الله عز وجل ، فربنا عز وجل يقول في آخر آيات الصيام )……كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187(.
والمسلم يفرح بحلول هذا الضيف الكريم ففيه تفتح أبواب الجنة حيث يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “إِذا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجنَّةِ وغُلِّقَت أَبْوَابُ النَّارِ وصُفِّدتِ الشياطِينُ”وكيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟!، وكيف لا يسعد المذنب بغلق أبواب النيران؟! فالسعادة في دخول رمضان.
ومن فَرَحِ المُؤمِنِ برمضان: مَا أَخبر عَنهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقوله: ” وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ”
فأهلُ الإِيمَانِ يعيشون الْفَرَحَ بِرَمَضَانَ، وَيَعْلَمُونَ لِمَاذَا هُمْ بِرَمَضَانَ فَرِحُونَ؛ لِأَنَّهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى عَاقِبَةِ الْعَمَلِ فِي رَمَضَانَ، وَمَا رُتِّبَ عَلَيْهِ مِنْ عَظِيمِ الْجَزَاءِ.
فاللهم لا تحرمنا نعمة الطاعة والقبول في رمضان ، ولا تخرجنا من رمضان إلا وقد غفرت لنا ذنوبنا وبيضت لنا صحائفنا ونورت لنا نورًا في قبورنا ونورًا على صراطنا… اللهم آمين ..
محمود توفيق الزناتي
إمام وخطيب وعضو مكتب مساعد وزير الأوقاف