خبير: السعودية رائدة البناء الحديث الذكي

قال الدكتور عبدالرحمن طه خبير الاقتصاد الرقمي، إن المملكة العربية السعودية تشهد ثورة حقيقية في قطاع البناء والتشييد من خلال تبني تقنيات البناء المتطورة، مما يضعها في مقدمة الدول الرائدة عالمياً في هذا المجال.
وأشار طه إلى أن مبادرة البناء الحديث نجحت في إحداث تحول جذري من أساليب البناء التقليدية إلى منهجيات عصرية متقدمة، حيث وصل عدد المصانع المتخصصة في تقنيات البناء الحديثة إلى 44 مصنعاً يعمل حالياً بطاقة إنتاجية تفوق 25 ألف وحدة سنوياً.
قال طه: “هذه المصانع تشمل تقنيات متنوعة تضم الخرسانة الجاهزة والطباعة ثلاثية الأبعاد والهياكل المعدنية المتطورة وأنظمة العزل الذكي، مما يعكس رؤية شاملة لتطوير القطاع”.
وألمح طه إلى أن الإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة البلديات والإسكان تكشف عن تطور لافت، حيث تستخدم أكثر من 58% من مشاريع الإسكان ضمن النظام السكني حالياً أساليب البناء الحديثة، مما يدل على التحول الإيجابي في القطاع.
وأكد طه أن الاستثمارات الحكومية في التقنيات المتقدمة مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد واستخدام الروبوتات في المواقع الإنشائية، إضافة إلى الشراكات الاستراتيجية مع الشركات العالمية الرائدة، ساهمت في نقل وتوطين المعرفة التقنية بشكل فعال.
ومن ناحية أخرى قال طه: “تقنيات البناء المسبق تحقق وفورات كبيرة في تكاليف العمالة وتساعد على تسريع وتيرة الإنجاز، مما يقلل من أعباء التمويل المصرفي على المطورين العقاريين، كما تعزز كفاءة العزل الحراري مما يخفض فواتير الكهرباء على المدى البعيد بنسبة تتراوح بين 25% إلى 40%”.
وأشار طه إلى أن المملكة حققت إنجازاً تاريخياً بكونها من أولى الدول في المنطقة التي طبقت تقنية البناء بالخرسانة الجاهزة، حيث تم إنشاء أول منزل مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد في الرياض خلال أقل من 48 ساعة بالشراكة مع شركة COBOD الدنماركية.
قال طه: “هذه التقنية الثورية تساهم في تخفيض تكلفة العمالة وتقليل الفاقد وتوفر حرية أكبر في التصميم، كما تقلص زمن التنفيذ بنسبة تصل إلى 50% وتقلل الهدر في المواد الإنشائية”.
وألمح طه إلى أن التركيز على تنمية القدرات البشرية من خلال برامج التعليم والتدريب المتخصصة في الهندسة والتكنولوجيا الحديثة يهدف إلى إعداد قوى عاملة مؤهلة لدعم هذا التحول، مع إيلاء اهتمام كبير للبحث والتطوير في مواد البناء المستدامة.
وأكد طه أن المشاريع الضخمة مثل البحر الأحمر ونيوم وذا لاين تمثل نماذج رائدة لتطبيق تقنيات البناء الحديث، حيث يستخدم مشروع البحر الأحمر البناء المسبق والطباعة ثلاثية الأبعاد في العديد من وحداته، بينما يضم نيوم مصنع خرسانة عملاق بطاقة إنتاج تقارب 20 ألف متر مكعب يومياً مع تصنيع وتجميع الوحدات مسبقة الصنع روبوتياً.
ومن ناحية أخرى قال طه: “مبادرة تحفيز تقنية البناء التابعة لوزارة البلديات والإسكان نجحت في دعم أكثر من 120 مشروعاً سكنياً ضمن برامج الشراكة مع القطاع الخاص، مما يعكس فعالية السياسات الحكومية الداعمة”.
وأشار طه إلى أن التقنيات المتطورة تشمل البناء بالطباعة ثلاثية الأبعاد والهياكل الفولاذية الجاهزة التي يتم تصنيعها بالكامل في المصانع ثم تركيبها في المواقع، حيث تستخدم في مشاريع الإسكان المؤقت والمباني الصحية والتعليمية.
قال طه: “الأنظمة الذكية لإدارة الطاقة في التكييف والإضاءة والتهوية تحقق تقليلاً ملحوظاً في استهلاك الطاقة، ومشروع ذا لاين في نيوم يعد مثالاً بارزاً على دمج هذه التقنية مع التصميم الحضري المتطور”.
وألمح طه إلى أن التقنيات الحديثة تحقق أثراً مضاعفاً في المشاريع الكبرى التي تمتد ميزانياتها إلى مليارات الريالات، حيث يقلل استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد من الحاجة إلى مئات العمال مما يوفر مصاريف السكن والإعاشة والنقل ويقلل من معدلات الحوادث في المواقع.
وأكد طه أن المطورين العقاريين باتوا يدركون أهمية هذه التقنيات ليس فقط لتحقيق الوفورات المالية بل لتسريع الإنجاز وتحقيق كفاءة أعلى في إدارة الموارد، حيث تمكن تقنية نمذجة BIM فرق العمل من اكتشاف التضارب بين المخططات قبل بدء التنفيذ مما يمنع التكاليف الباهظة.
ومن ناحية أخرى قال طه: “الأنظمة الذكية في إدارة مواقع البناء ومراقبة تقدم العمل عبر الطائرات المسيرة تسمح بتحسين الكفاءة وتحقيق وفورات إضافية بنسبة تتراوح بين 5 إلى 10%”.
وأشار طه إلى أن مشروع ROSHN التابع لصندوق الاستثمارات العامة بدأ في دمج تقنيات البناء الحديث مثل الخرسانة الخضراء والطباعة ثلاثية الأبعاد لتحقيق أهداف خفض التكاليف وزيادة كفاءة البناء، حيث أدت بعض المشروعات إلى خفض التكاليف بنسبة 30% مع تقليص مدة التنفيذ من 6 أشهر إلى أقل من 30 يوماً.
قال طه: “على الصعيد العالمي، تُعد الأمثلة الناجحة مؤشراً إيجابياً، فشركة ICON الأمريكية حققت تكلفة بناء منزل أقل من 4000 دولار مقارنة بالتكلفة التقليدية التي تتجاوز 10000 دولار، بينما طبعت شركة Winsun الصينية 10 منازل كاملة خلال يوم واحد بتكلفة 5000 دولار للمنزل مقارنة بـ15000 دولار للطرق التقليدية”.
وألمح طه إلى أن التقنيات الحديثة في البناء والتشييد أصبحت ضرورة استراتيجية وليس مجرد ترف، خاصة في ظل ارتفاع أسعار المواد الخام واليد العاملة عالمياً، مؤكداً أنها تعالج مشاكل مزمنة في المشاريع وتعيد رسم العلاقة بين التصميم والتنفيذ.
وأكد طه أن تقنيات البناء الحديثة تسهم في تقليل مدة التنفيذ بما يصل إلى 30% وخفض الحاجة إلى العمالة بنسبة 50% وتقليل التكاليف التشغيلية والهدر وتحسين جودة التنفيذ وإطالة العمر الافتراضي للمباني.
ومن ناحية أخرى قال طه: “برنامج سكني اعتمد تقنيات البناء الحديثة في 109 مشاريع تضم 134264 وحدة سكنية، حيث تستحوذ منطقة مكة المكرمة على النسبة الأكبر بـ16 مشروعاً وأكثر من 56 ألف وحدة تشكل 42% من إجمالي الوحدات، تليها منطقة الرياض بـ23 مشروعاً و28 ألف وحدة”.
وأشار طه إلى أن الكود السعودي للبناء يلعب دوراً محورياً في دعم هذا التحول من خلال فرض معايير صارمة لكفاءة الطاقة والعزل وتشجيع استخدام تقنيات البناء الذكي والمستدام وتسهيل اعتماد أنظمة البناء المسبق الصنع ضمن شروط التراخيص.
وأكد طه في ختام تصريحاته: “المستقبل يحمل آفاقاً واعدة لقطاع البناء السعودي، والاستثمار في التقنيات الحديثة سيحقق عوائد اقتصادية واجتماعية كبيرة تسهم في تحقيق أهداف رؤية 2030 وترسيخ مكانة المملكة كرائد إقليمي وعالمي في مجال البناء المستدام والذكي”.