القلعة نموذج فعال لدور القطاع الخاص المصري في دفع عجلة التنمية المستدامة وتوطين الصناعة وتوفير بدائل للاستيراد
الشراكات واستراتيجيات النمو والاستثمار المرن تقود النجاحات
في ظل التطلعات التنموية، ولمواجهة ما يمر به العالم من تغيرات وتحديات متلاحقة خلفتها جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وتأثيرهما على سلاسل الإمداد في جميع مراحلها فضلًا عن بلوغ الديون العالمية لأعلى مستوياتها، وارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة إلى مستويات غير مسبوقة منذ أربعين عامًا، إمكانية حدوث ركود اقتصادي يتسبب في انخفاض معدلات النمو الاقتصادي، نشهد توجهًا عالميًا من الحكومات لإشراك القطاع الخاص وابتكاراته واستثماراته وتعزيز دوره كشريك تنموي رئيسي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث أدركت الحكومات أن مشاركة القطاع الخاص أمراً ضرورياَ يؤدي إلى إحداث تأثير تحويلي من خلال خلق فرص العمل ودعم الرقمنة والاستدامة و مواجهة التحديات الإنسانية الأكثر إلحاحًا في العالم.
وتولي الحكومة المصرية اهتمامًا كبيرًا بتعزيز مشاركة القطاع الخاص كشريك رئيسي في دفع قاطرة التنمية المسئولة ذات المردود ثلاثي الأبعاد “اجتماعيًا واقتصاديًا وبيئيًا” وخلق الحلول للتحديات التي تواجهها التنمية، والمضي قدمًا نحو الوفاء بأهداف التنمية المستدامة ٢٠٣٠، وبتشجيع التصنيع المحلي والتصدير للخارج، وأصبحت تحرص على إصدار وتطوير اللوائح وإتاحة المزيد من الحوافز الملموسة للقطاع الخاص بما يعود على تحقيق تقدم أسرع للاقتصاد المصري، وتجنب تأثير التحديات الاقتصادية التي تعوق تحقيق مستهدفات التنمية، من خلال تحسين بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمارات وتعزيز البنية التحتية للبلاد، خاصةً وأن مصر تسعى لأن تكون مركزًا صناعيًا للشرق الأوسط وإفريقيا من خلال تقديم الحلول التنموية لدعم التكامل الصناعي بين المصانع الكبيرة من ناحية والمصانع الصغيرة من ناحية أخرى وكذلك المساهمة في تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية نحو التصنيع.
ويتفاوت القطاع الخاص ومجتمع الأعمال في ممارساته ومساهماته، وجهوده في دمج الاستثمار المسئول في نماذج أعمال والالتزام بالمعايير البيئية والمجتمعية والحوكمة واستغلال إمكاناته ليكون شريكًا ومحركًا حقيقيًا للتغيير والمساهمة الإيجابية في تحقيق التنمية المستدامة، حيث نجد بعض الشركات التي تمتلك الوعي الكافي والرؤية المتكاملة تهتم كثيرًا بوضع نموذج أعمال يحقق المردود الإيجابي، في ظل حرص الحكومة المصرية علي التعاون مع القطاع الخاص لتحقيق التنمية المستدامة وإيجاد حلول بديلة للاستيراد، وأيضًا لتطوير الصناعة المحلية والتصنيع بمواد ومكونات محلية تسهم في توطين الصناعة، وزيادة الصادرات، والوصول إلى الاكتفاء الذاتي وتطوير رأس المال البشري.
وتأتي شركة القلعة على رأس قائمة الشركات الأكثر التزامًا وتأثيرًا، ومثالاً للشراكات الفعالة بين القطاع الخاص والحكومة والمؤسسات التمويلية في دفع عجلة التنمية الاقتصادية المحلية، وهي شركة رائدة في استثمارات الطاقة والبنية الأساسية في مصر وإفريقيا تتبنى القلعة نموذج أعمال مسئول منذ تأسيسها في ٢٠٠٤ يركز بالتساوي على دمج معايير الاستدامة وتحقيق أثر إيجابي وعائد ثلاثي الأبعاد اقتصاديًا وبيئيًا ومجتمعيًا، وتطبيق أسس الحوكمة الرشيدة التي مكنتها من التغلب على التحديات المتتالية ومواكبة الأوقات العصيبة بمرونة ونجاح وابتكار.
وتمتلك شركة القلعة رؤية مستقبلية طموحة تساهم في نجاح محفظة استثماراتها في إطار نموذج استثماري متنوع مبني على خلق القيمة المضافة والرخاء المشترك لجميع الأطراف المعنية والمساهمة في تحقيق أمن الطاقة الوطني والأمن الغذائي، وإقامة مشروعات جديدة بقطاعات البنية الأساسية والتصنيع ذات نطاق إقليمي واسع يسهم حصادها حتى الآن بشكل ملموس في الناتج المحلي الإجمالي للدولة. بالإضافة إلى تركيزها المتواصل على جذب فريق إداري من أصحاب الخبرات الواسعة وتطوير مهارات العاملين، وتحقيق العائد الاستثماري للمساهمين وتحسين أوضاع المجتمعات المحيطة وبناء الإنسان وتطوير رأس المال البشري من خلال برامج ومبادرات متكاملة في التعليم والتدريب المهني تغطي شرائح مختلفة من فئات المجتمع جغرافيًا، خاصة الشباب والمرأة ودمج ذوي الاحتياجات الخاصة.
وأسست القلعة وطورت أكثر من ٨٠ شركة منذ نشأتها وساهمت في خلق أكثر من ٤٠ ألف فرصة عمل وجذب استثمارات أجنبية – والتي تبحث دائمًا عن شريك ومستثمر محلي قوي وملتزم وذو خبرة – في العديد من القطاعات الاستراتيجية كالطاقة والبنية التحتية والصناعة والنقل. وتمكنت القلعة من جذب استثمارات خارجية مباشرة لتفعيل الشراكة مع القطاع العام، ولعل من أبزر الأمثلة على ذلك؛ مشروع الشركة المصرية للتكرير التي تعد أهم الشركات التابعة للقلعة باستثمارات تربو على 4.3 مليار دولار، ونموذج مثالي للشراكة مع الحكومة من خلال الهيئة العامة للبترول. وتعد المصرية للتكرير أكبر مشروع قطاع خاص في مجال البنية التحتية بإفريقيا، حيث ينفرد المشروع بتنوع قاعدة المساهمين والجهات المُقرضة، بما في ذلك الهيئة العامة للبترول وكبرى مؤسسات التمويل التنموي على الساحة الدولية؛ وكذلك كبار المستثمرين الاستراتيجيين من مصر والأسواق الإقليمية والعالمية.
تعكس الإيرادات التي حققتها القلعة خلال الربع الأول من 2023 المرونة الفائقة التي تحظى بها المجموعة في التأقلم مع الظروف غير المستقرة إضافةً إلى تنوع محفظة مشروعاتها الذي يحميها من الأثر السلبي للضغوط على سعر الصرف والقدرة على مواصلة تحقيق النجاح رغم التحديات التي تواجه المشهد الاقتصادي العالمي، حيث بلغت الإيرادات المجمعة 30.3 مليار جنيه خلال الربع الأول من عام 2023، وهو نمو سنوي بمعدل 62%، وصاحب ذلك زيادة الأرباح التشغيلية قبل خصم الضرائب والفوائد والإهلاك والاستهلاك لتسجل 10.3 مليار جنيه خلال الربع الأول من عام 2023، صعودًا من 3.9 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام السابق، وهو ما يعكس النمو القوي للنتائج المجمعة والأداء القوي لجميع الشركات التابعة
و نجحت الشركة المصرية للتكرير في مواجهة العديد من التحديات الناتجة عن الوضع الاقتصادي العالمي، حيث يوظف المشروع أحدث التقنيات التكنولوجية والمواصفات العالمية في تحويل المازوت منخفض القيمة إلى منتجات بترولية مكررة عالية الجودة والقيمة تلبي احتياجات الاستهلاك المحلي، كما يعزز من القيمة المضافة لموارد مصر ويساهم في تقليص واردات مصر من المنتجات البترولية لتحقيق الاكتفاء من المنتجات السائلة، ويهدف هذا المشروع إلى توفير البدائل المحلية للاستيراد لتغطية الاستهلاك بالسوق المحلي عبر تزويد الهيئة العامة للبترول بوقود السولار وغيره من منتجات الوقود عالية الجودة والقيمة.
والجدير بالذكر انه خلال الربع الأول من العام الجاري 2023، ساهمت شركة المصرية للتكرير بحوالي 77% من إجمالي إيرادات القلعة. وارتفع هامش ربح التكرير بمشروع المصرية للتكرير بمتوسط 3.7 مليون دولار يوميًا، مقابل 2.7 مليون دولار يوميًا خلال نفس الفترة من العام السابق، مدفوعًا بارتفاع أسعار المنتجات البترولية، علمًا بأن هامش ربح التكرير بدأ في الانخفاض، متجهًا نحو مستوياته الطبيعية منذ بداية عام 2023 بعد بلوغ أعلى مستوياته خلال عام 2022، حيث سجل متوسطه 4.9 مليون دولار يوميًا خلال الربع الأخير من عام 2022.
وتأتي شركة طاقة عربية التابعة للقلعة كأكبر شركة قطاع خاص في مجال توزيع الطاقة بمصر، حيث تحظى الشركة بخبرة تزيد عن 20 عامًا من الاستثمار وتشغيل شبكات البنية الأساسية لقطاع الطاقة، من توزيع الغاز الطبيعي إلى توليد وتوزيع الطاقة الكهربائية وتسويق المنتجات البترولية. وتقوم شركة طاقة عربية بتوفير خدماتها من خلال 5 قطاعات تابعة، وهي قطاع الغاز وقطاع الكهرباء وقطاع تسويق وتوزيع المنتجات البترولية وقطاع الطاقة الشمسية وقطاع المياه. وقد تم إدراج شركة طاقة عربية في البورصة المصرية مؤخرًا وبدء تداول أسهمها في 9 يوليو 2023. ومن المتوقع أن تساهم هذه الخطوة في تمكين القلعة من المضي قدمًا في خطتها لتسوية بعض الديون عبر بيع بعض الأصول.
وارتفعت إيرادات الشركة الوطنية للطباعة بنسبة سنوية 54% لتبلغ 1.4 مليار جنيه خلال الربع الأول من عام 2023 مقابل 915 مليون جنيه خلال نفس الفترة من العام السابق بفضل مواصلة جني ثمار تشغيل المصنع المتطور التابع لشركة البدار للعبوات، علمًا بأن إيرادات الثلاث شركات التابعة ارتفعت بفضل زيادة أسعار البيع ونمو حجم المبيعات. كما ارتفعت إيرادات شركة أسكوم بمعدل سنوي 74% لتبلغ 498.3 مليون جنيه خلال الربع الأول من عام 2023، حيث يرجع ذلك بشكل رئيسي إلى تأثير الإيرادات المحققة بالدولار بشركة جلاس روك وشركة أسكوم لتصنيع الكربونات والكيماويات.
علاوةً على ذلك، ارتفعت إيرادات مجموعة أسيك القابضة بنسبة سنوية 26% لتبلغ 1.3 مليار جنيه خلال الربع الأول من عام 2023، نتيجة لارتفاع الإيرادات الدولارية لبعض الشركات التابعة عند تقويمها بالجنيه. وارتفعت أيضًا إيرادات شركة مزارع دينا بنسبة سنوية 49% إلى 409.8 مليون جنيه خلال الربع الأول من عام 2023، مدعومةً بتحسن العمليات، واستفادة الشركة الاستثمارية لمنتجات الألبان من زيادة الأسعار وإطلاق منتجات جديدة. وأخيرًا، ارتفعت إيرادات شركة “سي سي تي أو” بمعدل سنوي 40% لتسجل 130.7 مليون جنيه خلال الربع الأول من عام 2023، وذلك على خلفية التحسينات التشغيلية التي أدخلتها على عملياتها في السوق المصري تحت مظلة الشركة الوطنية لإدارة الموانئ النهرية.
وتحرص القلعة وشركاتها التابعة على الاستمرار في المساهمة الفعالة في خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري وتحقيق التنمية المستدامة والمسئولية البيئية و للتحول التدريجي لاقتصاد أخضر، وذلك من خلال توسعات مشروعات الشركة المسئولة بيئيًا، ومشاركتها في المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء “نُوَفِّي” التي أطلقتها وزارة التعاون الدولي، ومن خلال كافة الشركات التابعة للقلعة العاملة في أمن الطاقة، والأمن الغذائي، والأمن المائي، حيث عملت هذه الشركات بشكل جيد على تعظيم الاستفادة من فرص التمويل الدولية ذات الشروط المتميزة والتمويلات التنموية الميسرة وجهود الدعم الفني لتحفيز الاستثمارات لمشروعات التكيف والتخفيف من التغيرات المناخية.
وتعكس هذه النتائج حجم الإنجازات الاقتصادية التي حققتها القلعة لجميع الاطراف ومدى مساهمتها الفعالة في نمو الاقتصاد الوطني وتوطين الصناعة المحلية وزيادة حجم الصادرات المصرية وتقليل الضغط على الفاتورة الدولارية للاستيراد. وتستهدف النمو السريع لصادراتها، كما تبرز ثمار التعاون بين القطاعين العام والخاص واهمية دوره المساهم في في تحقيق التنمية المستدامة ونمو الاقتصاد الذي ينعكس على نمو أعمال الشركات.
خلاصة ،بينما تجسد القلعة نموذج فعال لدور القطاع الخاص في الشراكة مع الحكومة لدفع عجلة التنمية الاقتصادية، تتطلب هذه المرحلة اكثر من أي وقت مضى العمل الجماعي، ونهوض الشركات ومجتمع الاعمال علي اختلاف قطاعاته ومراحل تطوره للمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة بالاستثمارات والابتكارات والتكنولوجيا وروح المخاطرة المحسوبة وبناء الكوادر وذلك مواكباً لجهود الحكومة في تعزيز وتشجيع الاستثمارات المسئولة الموجهة نحو بناء اقتصاد اكثر صموداً وتنمية الصادرات السلعية والخدمية وتوطين الصناعة وتوفير بدائل للاستيراد والتحول التدريجي للاقتصاد الأخضر لمواجهة اخطار التغيرات المناخية.