تحليلات ومقالات

الشيخ ياسر عدلي : المرء على دين خليله

هل العبرة بكثرة الأصدقاء ؟
وهل يمدح المرء منا أو يذم بإصدقائه ؟
وما الذي يفهم من مقولة الصاحب ساحب ؟
عباد الله أولاً ، المرء على دين خليله ، فالذى يفتخر بأصدقاء السهرات والحفلات فهو منهم والذي يطوى تلك الصفحات ويدخر لآخرته حظي بالنصيحة في ،، فلينظر أحدكم من يخالل ، فاز بعمق النظر وما تؤول إليه الصداقة وأثرها في علاقته مع بيته وجيرانه والوسط الذي يعيش فيه.
فانظر يرحمك الله إلى من تخالل وتصاحب وتزامل.
قال صلى الله عليه وسلم ، لا تصاحب إلا مؤمن ولا يأكل طعامك إلا تقي.
ورغم كل ما تقدمه من نية طيبة، ورغم سعة صدرك ومحاولاتك الدائمة لتبرير الآخرين، ستكتشف مع الوقت حقيقة لا مفر منها: ليس كل من اقترب منك يستحق صداقتك، وليس كل من ضحك معك صادقًا، ولا كل من سمعك محترمًا لخصوصيتك. في محيطك ستجد اللقوفي الذي يتغذى على أخبارك، والحاقد الذي يبتسم لك ويضمر غير ذلك، والكاره المستتر الذي ينتظر زلتك ليشمت، وآخر لا يعرف معنى الاحترام إلا إذا كان في مصلحته.

المشكلة ليست في وجود هؤلاء، فوجودهم سنة من سنن الحياة، بل في السماح لهم بالبقاء طويلاً في مساحتك الخاصة. البعض يراك ساحة مفتوحة، يستنزف طاقتك، يراقب خطواتك، ويعلّق على حياتك وكأنها شأن عام. والبعض الآخر يتقن دور الصديق حتى تأتي لحظة تكشف فيها أنه كان عبئًا أكثر منه إضافة.

أعظم ما يمكن أن تقوم به ليس الجدال، ولا الشرح، ولا محاولة التغيير، بل القرار الهادئ الحاسم: أن تخرجهم من حياتك دون ضجيج. البلوك ليس قسوة، بل احترام للنفس. ليس ضعفًا، بل وعي. أحيانًا يكون الصمت أبلغ من ألف كلمة، والابتعاد أصدق رد.

حين تحذف من لا يستحق، تكتشف كم كانت المساحة مزدحمة بلا فائدة، وكم كنت تؤجل راحتك مجاملةً لآخرين لا يبالون. الحياة أقصر من أن تُستهلك في إرضاء من لا يحترمك، وأغلى من أن تُشاركها مع من يكرهك في الخفاء.

اختر نفسك، واحمِ هدوءك، وتذكر دائمًا: من لا يقدّرك وجودك، مكانه خارج حدودك.
استقيموا يرحمكم الله.
والله استقيموا ولن تحصوا.
وصلي اللهم على نبينا محمد وآله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ ياسر عدلي