اخبار البنوكاخر الاخبار

خبير: توترات واشنطن–كاراكاس تلقي بظلالها النفسية على المستهلك الأرجنتيني رغم تحسن المؤشرات الكلية

قال الدكتور عبد الرحمن طه خبير الاقتصاد الرقمي إن تراجع مؤشر ثقة المستهلك في الأرجنتين إلى 45.5 نقطة في ديسمبر 2025 لا يمكن قراءته بمعزل عن تصاعد التوترات الجيوسياسية في أمريكا اللاتينية، وعلى رأسها التوتر المتزايد بين الولايات المتحدة وفنزويلا، والذي أعاد إلى الأذهان سيناريوهات عدم اليقين الإقليمي المرتبطة بالطاقة، والتحويلات، وحركة رؤوس الأموال.

وأوضح طه أن أي تصعيد بين واشنطن وكاراكاس ينعكس سريعًا على المزاج الاقتصادي في دول الجوار غير المباشر مثل الأرجنتين، ليس عبر قنوات التجارة المباشرة، بل عبر قناة “المخاطر الإقليمية” التي تؤثر على قرارات المستثمرين، وتكلفة التمويل، وتوقعات الأسر بشأن الاستقرار المستقبلي. وأشار إلى أن هذا العامل النفسي يفسر تراجع مؤشري الأوضاع الحالية والتوقعات المستقبلية معًا، في توقيت لم يشهد فيه الاقتصاد الأرجنتيني صدمة داخلية حادة.

وأضاف طه أن حساسية ثقة المستهلك تظهر بوضوح في هبوط مؤشر السلع المعمرة والعقارات بنسبة 3.38٪، وهو ما يعكس تأجيل قرارات الشراء الكبرى تحسبًا لتقلبات محتملة في أسعار الطاقة أو العملة في حال اتسعت رقعة التوتر الإقليمي، خاصة أن أي اضطراب في سوق النفط الفنزويلي قد يؤثر بشكل غير مباشر على ميزان الطاقة وأسعار الوقود في أمريكا الجنوبية ككل.

وأشار طه إلى أن التفاوت الجغرافي في الثقة، مع تحسن قوي داخل مدينة بوينس آيرس مقابل تراجع في المناطق المحيطة، يعكس تمركز أدوات التحوط والدخل المستقر في العاصمة، مقابل هشاشة أكبر في الأطراف الأكثر تعرضًا لتقلبات الأسعار والتوظيف. كما لفت إلى أن الانخفاض الحاد في ثقة ذوي الدخل المنخفض بنسبة 4.47٪ يعكس إدراكًا مبكرًا لدى هذه الفئة بأنها الأكثر تأثرًا بأي صدمة خارجية محتملة، سواء عبر التضخم المستورد أو تراجع فرص العمل.

وختم طه بأن توترات أمريكا–فنزويلا لا تشكل خطرًا مباشرًا على الاقتصاد الأرجنتيني في المدى القصير، لكنها تعمل كعامل ضغط نفسي واقتصادي كامن، يحدّ من سرعة تعافي ثقة المستهلك، ويؤكد أن استقرار الأرجنتين الاقتصادي بات مرتبطًا بشكل متزايد باستقرار البيئة الجيوسياسية الإقليمية، وليس فقط بالسياسات المحلية.