عبدالعزيز الصعيدي يكتب .. تأجيل الديون و فزاعة التصنيف الائتماني المعادله الصعبة

دائما فإن الدول الدائنة مع زيادة أسعار الفائدة وكذلك مرورها بأزمات اقتصادية عالمية في النهاية تكون أمام مفترق طرقصعب فإما أن يكون أمامها
طلب تأجيل الاقساط وخفض الفائد لألتقاط الأنفاس وتفادي التعثر وإما أن
تكون تحت رحمةفزاعة تخفيض التصنيف الائتماني الذي يهدد تواجدها في الأسواق العالمية وبينما يرى البعض وأنا منهم إن إعادةالجدولة هي طوق
النجاة ..يرى البعض الآخر إن طلب تعديل شروط القرض الأصلية
هو اعتراف ضمني بوجود صعوباتوشيكة قد تطيح بسمعة الدولة في
الأسواق.
وقد كنت ومازلت انادي بضرورة مطالبة صندوق النقد وباقي الدول الدائنة
بتأجيل سداد الأقساط المستحقة مع تخفيضسعر الفائدة بل وإنني طلبت
بأن ننتهز فرصة عقد مؤتمر السلام بشرم الشيخ والإشادة الدولية بدور مصر في ذلك وأن نطلب الإعفاء من بعض المديونيات أسوة بما تم مع مصر بعد حرب الخليج وإسقاط الشريحة الثانية والثالثة
وفي شأن هذا الموضوع فأنا أعلم تماما إن وجهة النظر الاخرى لها احترامها بالطبع وهي إن طلب التأجيل أو خفض الفائدة ربما تعتبره وكالات التصنيف الائتماني تخلف وشيك عن السداد مما يؤدي إلى تخفيض التصنيف الائتماني للدولة (rating downgrade) إلا أن ذلك يمكن الرد عليه بالنسبة لحالة مصر في النقاط التالية:-
• تأجيل الأقساط مع تخفيض سعر الفائدة سيؤدي على الفور إلى تخفيف الضغط على الموازنة العامة ومنح فرصةجيدة لالتقاط الأنفاس وتفادي التعثر
• توفير السيولة بالطبع سيؤدي إلى توجيه هذه الأموال لأغراض أكثر إلحاحًا
• تخفيض سعر الفائدة يقلل من عبء الدين على المدى الطويل
• إن محاولة الحفاظ على التصنيف بالقوة ربما سيؤدي في النهاية إلى التعثر وهو أسوأ بكثير من سيناريو إعادةالجدولة
• إن الوقت الحالي هو أنسب وقت لذلك حيث أن مصر ما زالت مدين موثوق به حيث لم تتخلف عن سداد أية أقساطمنذ سنوات طويلة والحمد لله مما يزيد من فرص الموافقة
• بشهادة صندوق النقد والمؤسسات الدولية فإن الإقتصاد المصري يشهد حاليا تحسنًا كبيرا فيما عدا بعض النقاطالبسيطة جاري التفاوض بشأنها
• بالمناسبة فإن مصر حصلت على القروض الحالية في ظل تصنيف أقل من الحالي وبالتالي فإن تخفيض التصنيفالائتماني درجة واحدة أو درجتين لن يكون لهما تأثير جوهري خاصة مع التوجه في الفترة المقبلة الى تقليل الاقتراض
• يشهد الإقتصاد المصري تحسن ملموس على مستوى ارتفاع تحويلات العاملين بالخارج الى ٣٦ ملياردولاروتحسن مرتقب في حصيلة إيرادات قناة السويس وبالتالي استمرار زيادة الاحتياطي النقدي والذي يتعدى حاليا٥٠ مليار دولار لأول مرة في تاريخه بما سيكون له انعكاسه على طمأنة الصندوق والدول الدائنة
• ليس بالضرورة أن يكون طلب التأجيل بسبب الصعوبة في سداد الالتزامات ولكن يجب أن يكون السبب الرئيسي وهو تخفيف العبء على الموازنة العامة والاستمرار في برامج الإصلاح الاقتصادي
• من مبررات التأجيل إن الأزمات الحالية التي حدثت لم تكن مصر طرفًا فيها سواء كورونا أو حرب أوكرانيا روسيا أوحرب غزة
• طلب التأجيل سوف يعكس جدية الدولة في سداد الديون وهو ما سيكون محل احترام العالم الخارجي والمؤسساتالدولية
• يجب ان يتم التركيز على الاقساط قصيرة الاجل أولًا ثم متوسطة الاجل ثم طويلة الاجل إذا امكن
• نعم فإن وكالات التصنيف الائتماني تعتبر إن تغيير أية شروط القروض الأصلية هو مؤشر سلبي ما لم يكنمصحوب ببرنامج إصلاح اقتصادي قوي ومقنع يضمن التعافي مستقبلا وهذا ما ينطبق تماما على حالة مصر
•
• الخلاصة فإننا بين خيارين اما التأجيل و اما تخفيض التصنيف الائتماني وأعتقد أن التأجيل هو الخيار الامثل
عبدالعزيز الصعيدي
الخبير المصرفي



